lundi 28 janvier 2013

هل يسير المغرب نحو الديمقراطية ؟



لئنه كان من السّهل الرّبط بين ما يحدث اليوم في المملكة المغربية من تحوّلات فعليّة و ما فرضه "الربيع العربي" من إصلاحات ديمقراطيّة,فإنّ الأقرب إلى الواقع يفيد بأنّ البلد قد دخل في مرحلة إصلاح و تطوّر تدريجي منذ تولّي الملك محمد السادس للحكم.و ما كان للربيع العربي إلاّ أن عجّل من دوران عجلة التغيير  نحو الأفضل.

إنّ المتابع للمشهد السياسي المغربي,يمكنه بالإستناد إلى ما حصل من إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان و دوس على كرامة المواطن منذ الإستقلال و بالخصوص أثناء سنوات الرّصاص و مقارنة بما يحدث اليوم بإمكانه الإقرار بأن المغرب قد بدأ في إصلاح نفسه في جو من الوفاق الوطني المشحون بالإيجابية.و في المقال محاولة لفهم الواقع المغربي و إستشراف لإحتمالات جدّ ممكنة.

الإصلاح ضامن لبقاء النظام الملكي
يعلم الجميع مدى فظاعة الإنتهاكات و الجرائم التي إرتكبها النظام الملكي المغربي أيّام الملك الحسن الثاني و ما تركته هذه الممارسات من إمتعاض و إستياء لدى الجماهير و تحطيم تلك الصورة النمطية الورديّة للعاهل المقدّس التي رسمها الملك المحبوب محمّد الخامس.حيث أجّجت سياسة الحسن الثاني الإستبدادية الإحتقان و ولّدت رفضا للملكيّة في حدّ ذاتها ممّا دفع الملك الشابّ,عند تولّيه الحكم في 1999,إلى إرسال رسائل مهمّة منها  إقصاء بعض رموز القمع و الإستبداد و إتّباع سياسة خارجيّة أكثر لينا و براغماتية.

أعتقد جازما أنّ محمد السادس أراد أن يصلح حال البلاد بما يضمن كرامة المواطن المغربي و بقاء النظام الملكي في نفس الوقت...في منطقة عربيّة يحكمها الملوك و الأمراء دون رادع و لا مراقب.

الإصلاح ضمان للوحدة الوطنية
تبقى العلاقة بين النظام المغربي و جبهة البوليساريو المسألة الأكثر تعقيدا في البلاد نظرا لأهميّتها و تأثيرها على وحدة التراب المغربي.إنّ أيّ صدام بين الشعب و الملك من شأنه أن يشجّع الإنفصاليّين.و بالفعل لقد إستوعب العاهل المغربي هذه القاعدة  و شرع في خلق علاقة تعاون و تكامل بين المؤسسة الملكيّة و المجتمع المدني و الأحزاب السياسية بهدف السير نحو ملكيّة دستوريّة برلمانيّة...قطعا لطريق الرّغبات الإنفصاليّة و إستجابة لرغبة الأجنبي على حد السواء.

الربيع العربي محرّك التغيير في المغرب
 لعب الربيع العربي دور المحرّك لعمليّة التغيير في البلد حيث أجبر الملك على إتّخاذ بعض القرارات الإصلاحيّة و توسيع دائرة حرّية التعبير و الإجتماع و التظاهر.تحوّلت رياح الثورة القادمة من تونس و ليبيا و مصر إلى نسمات في سماء المغرب...نسمات تنذر بالشروع في حركة إصلاح تسير بالمملكة نحو الديمقراطية المنشودة و ههنا ينبغي الإشارة إلى ذكاء سياسة الملك محمد السادس الذي لم يأذن بإستعمال القمع الوحشي و لم يدخل بذلك البلد في أتون صراعات دمويّة و عنف قد لا يخرج منه بسهولة.

الحدود
ضرورة أن يترافق هذا الإنفتاح السياسي بافاق تنموية تعزّز الرفاه الإجتماعي و الإزدهار الإقتصادي.و لكن هذا التحدّي يتطلّب رغبة سياسية في القضاء على البيروقراطية و الفساد المالي و الإدري و تكريس الشفافية و النزاهة.نتيجة لإقرار التعديلات الدستورية في إستفتاء شعبي(1 يوليو 2011) أعلن عن تنظيم إنتخابات تشريعية أفرزت في النهاية فوز حزب العدالة و التنمية الإسلامي بربع المقاعد  و تمّ تشكيل حكومة توافقية.لكن هذه النتيجة لم تزعزع ولو قيد أنملة موقف حركة 20فبراير  و أنصارها الرافض لهذه الإنتخابات التي يقولون أنّ الملك هو من تحكّم في نتائجها مسبقا ممّا يقودنا إلى التساؤل بحيرة كيف لإصلاحات غير نابعة من الشارع المغربي أن تكلّل بالنجاح و أن تحقّق التغيير المرجو ؟ و عليه فإنّ الخوف كلّ الخوف ينبعث من كون الفاعلين السياسيين في المغرب دخلوا لعبة سياسية لم يرسموا لها قواعدها بل رسمها لهم الملك...ممّا ييجعل الإقرار بأن المغرب مملكة برلمانية هو ضرب من الخرافة.

و في كلّ الأحوال,لا يمكن تخيّل تاريخية المرحلة التي يمرّ بها المغرب خصوصا و أنّ السيناريوهات غير متعدّدة
.فإمّاالنجاح و الإنتقال التدريجي نحو ملكية دستورية برلمانية تعطي للملك هيبته و رفعته و تعتبره فوق السلطة و المعارضة كما تجرّده من صلاحياته التنفيذية و تمنعه من التدخل في إتخاذ القرارات الهامّة و منها التوجهات العامة للدولة.أو الفشل و العودة إلى مربّع الإستبداد و الإكتفاء ب"ديمقراطية الواجهة" الأمر الذي لا يسعد المغاربة بقدر ما يسعد العائلة المالكة و من كان حولها من الأطراف السياسية المتسترة بها.

و كي لا أقصي الجانب الذاتي من الموضوع...عليّ أن أقول للمغاربة أنّكم على الطريق السليم و ما قمتم به شيء عظيم يجب مواصلته في جو من الوفاق و التالف الوطني.


أمير المستوري
عضو الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire